“قد يتقبل الكثيرون النصح، لكن الحكماء فقط هم الذين يستفيدون منه

مقدمة.

لقد توقعت وصولك لجولة الإعادة وتفاجأت مثل كثيرين بفوزك, وهي مفاجأة بطعم الصدمة لي لا لشيء إلا لأنك تنتمي لتنظيم سري فاشي ورجعي لكن لا عليك فموقعى الليبرالي يؤهلني لتقبل نتيجة الانتخابات وإن شابها بعض شائعات التدخل الدولي التي وإن حدثت لا بد وأن تكون قد أثرت على إرادة النخبة العسكرية  الحاكمة وبالتالي على النتيجة النهائية التي أعلنتها اللجنة العليا لكن لا بأس فلك مني تهنئة واجبة بالموقع الذي ستحظى به لفترة من 4-8 سنوات, ولحزبك الحرية والعدالة أرسل تحيتين الأولى لما يتمتع به من جودة لا تضاهى على مستوى التنظيم والثانية لتقديم المشروع على الشخوص وهي فضيلة نفتقدها في مصر على جميع المستويات وأقصد هنا ما يُعرف بـ”الإستبن” فأنا لا أرى أي إشكالية في أن يكون لأي حزب مرشحان أو أكثر لشغل أي موقع (ينقص التجربة إجراء انتخابات) ويكفي أن نعلم أن مرشحي الحزب الجمهورى والديمقراطي في واحدة من أعرق ديمقراطيات العالم (الولايات المتحدة الأمريكية) يتم  اختيارهما عبر انتخابات مما يعني بالضرورة أن لكل مرشح احتياطي لة ويكفي أن نتذكر أن رئيس فرنسا الحالي (فرنسوا أولاند) الذي تم انتخابه مايو الماضي كان احتياطيًا لرئيس صندوق النقد الدولي (دومينيك ستراوس – كان) مرشح الحزب الاشتراكي الآخر.

*قيم التقدم

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ”. 

-من الطبيعي أن تكون حكومتك الجديدة وكل ما يتعلق بها هى الشُغل الشاغل لأي مُهتم بالشأن العام, كيف ستحل مشكلات الماضي؟, كيف ستضع خطة للمستقبل البعيد والقريب؟ إلى آخره من الأسئلة, لذلك فالنقطة الفاصلة بخصوص هذا الشأن هي القيم التي ستتبناها منظومتك التي ستقود السلطة التنفيذية -وهي التي ستتحمل أعباء مضنية- ,أعلم أن تجربتك مع جماعة الإخوان التي يتعدى عمرها الـ30 عامًا قد أضافت لك بما قد يفيدك و عملك الجديد فكلنا نعلم مدى “انضباط” أفراد الجماعة إلا أن الانضباط والدقة وكلمات كهذه لا تكفي فهي مظاهر نهائية لما ينبغي أن تتحلى به المنظومة من “تقديس للوقت” أي الإيمان العميق بحتمية أن يتم تنفيذ كل مشروعات وخطط الحكومة في ظل أطر زمنية يتم الوفاء بها فمن لا يحترم الإطار أي الوقت لا يحترم بالضرورة ما يضمه هذا الإطار أي المشروع وهذا التقديس ليس مجرد طبع أو صفة وإنما مناخ عام ينبغي عليك أن توفره.

-يضاف إلى “تقديس الوقت” قيمة “التعددية” التي هي ليست من معالم تحضر البشرية فحسب بل من مصادر ثرائها أيضًا وهي من ضمانات عدم الانزلاق في فخ الأحادية إلى جانب قيمة “نقد الذات” التي لا يتمتع بها كثيرًا أبناء جماعة الإخوان فهم علاوة على عدم تقبلهم نقد معارضيهم لهم -وهو ما اتضح جليًا خلال المرحلة الانتقالية- فهم قلما يتراجعون وكثيرًا ما يخطئون وهيهات أن يعتذروا والواضح أنهم لا يعلمون أن النقد من أهم الأدوات التي تساعد على تقليل السلبيات وتعظيم الإيجابيات وهو أمسّ ما نحتاجه يا سيد مرسي.

-أما القيمة الأهم في رأيى والتي بدونها يصبح عمل المنظومة كلة في مهب الريح هي “إنسانية المعرفة” أو عالمية المعرفة بمعنى أن المعرفة لا تنتمي لملة على حساب أخرى أو جنس على حساب آخر أو حضارة على حساب أخرى أو ثقافة على حساب أخرى ولا أدل على ذلك من تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2011 يوضح أن الدول الثلاثين الأولى تنتمي لخلفيات حضارية وثقافية ودينية “متعددة” فمنها ما هو أمريكي ومنها ما هو أوروبي شرقى (جمهورية التشيك) ومنها ما هو أسيوي (اليابان) ومنها ما هو عربي مسلم (الإمارات العربية المتحدة) ومنها ما هو إسرائيلي و هو ما يعطي دلالات على أن الأخذ بأسباب التقدم لن يمنعنا من الاحتفاظ بما يسمى “الخصوصية الثقافية” علاوة على تعلم الدرس الأهم وهو أن روشتة التقدم إنسانية في المقام الأول ولن نستحضرها من قطر أو تركيا فقط بل من ألمانيا والبرازيل وهونج كونج أيضًا والحقيقة يا سيد مرسي أننا لن نلحق بركب هذه الأمم إلا باستبدال الأحادية وتقديس الأفراد والتقوقع الثقافى والبيروقراطية بالقيم سالفة الذكر.

هذة التدوينة من كتاب “رسائل إلى الرئيس”

التعليقات
  1. لو أدرك الإسلاميون مسألة انسانية المعرفة , لكفوا عن كونهم إسلاميين.

    سأضع هذه المقالة في أعين من يتهموننا بالمعاداة المطلقة للمرسي – و هو ما لا أنكره – غير أنهم لا يتورعون عن تفسير الأمر بأننا لا نريد خيرا لمصر لو هييجي على إيد الإسلاميين.. طيب يا ناصحين , ها نحن ننصحكم و نرشدكم و نترك لكم ما إن تمسكتم به سيأتي الخير على أيديكم الملوثة

    مقالة رائعة رغم يأسي من الإسلاميين

اترك رداً على Abd El-Rahman El-Naggar إلغاء الرد